في كل يوم، تفقد حوالي 800 امرأة حياتها لأسباب تتعلق بالحمل والولادة يمكن الوقاية منها، وهو ما يعني وفاة امرأة واحدة تقريبًا كل دقيقتين. وبالإضافة لكل امرأة تموت، تتعرض ما بين 20 إلى 30 امرأة أخرى لإصابات أو التهابات أو إعاقات. ومعظم هذه الوفيات والإصابات كان يمكن الوقاية منها تمامًا. إذ يموت معظمهن نتيجة نزيف حاد، أو تسمم الدم، أو تسمم الحمل، أو الولادة المتعسرة، أو عواقب الإجهاض غير الآمن، وكلها أسباب تتوفر لها تدخلات طبية فعالة للغاية. ولا تتوقف المأساة عند هذا الحد؛ فعندما تموت الأم، تتعرض أسرتها لخطر أكبر، وتقل فرص أطفالها في بلوغ عامهم الثاني.
إن الحفاظ على صحة الأم وجعل الأمومة أكثر أمانًا هو ضرورة حتمية وواجب إنساني وحقوقي لا يمكن تجاوزه أو التغاضي عنه، وهو جوهر عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان ومهامه المنوط بها، ومن أجل تحقيق هذا الهدف يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان مع الحكومات، والخبراء الصحيين، ومنظمات المجتمع المدني حول العالم، لتدريب العاملين في المجال الصحي، وضمان توفير الأدوية الأساسية، ودعم خدمات الصحة الإنجابية، و الارتقاء بالنظم الصحية، وتعزيز المعايير الدولية في مجال صحة الأم.
تقدم يستحق الثناء ولكن يشوبه التفاوت
حققت المنطقة العربية إنجازًا ملحوظًا بتراجع معدل وفيات الأمهات بنسبة 45% بين عامي 2000 و 2020، حيث انخفضت حالات الوفاة من 260 حالة لكل 100,000 ولادة حية في عام 2000 إلى 145 في عام 2020. ومع هذا، لا تزال هناك تفاوتات كبيرة بين البلدان، بما في ذلك تلك التي تواجه أزمات إنسانية طويلة الأمد.
في معظم البلدان العربية، تراجعت وفيات الأمهات بفضل تحسين الوصول إلى خدمات تنظيم الأسرة، والرعاية المتخصصة أثناء الولادة، ورعاية التوليد في الحالات الطارئة. ورغم أن غالبية البلدان العربية قد حققت بالفعل الهدف العالمي للتنمية المستدامة المتمثل في الوصول إلى أقل من 70 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية بحلول عام 2030، شهد هذا التقدم ركودًا في جميع أنحاء المنطقة بين عامي 2015 و2020. ولا يزال معدل وفيات الأمهات يتجاوز 200 حالة وفاة لكل 100,000 ولادة حية في كل من جيبوتي، والصومال، والسودان واليمن، حيث تعاني هذه البلدان من أزمات طويلة الأمد.
إن السبيل الأمثل لتحقيق هدف التنمية المستدامة في تقليل وفيات الأمهات هو ضمان حصول جميع النساء على وسائل تنظيم الأسرة اللازمة لتجنب حدوث الحمل غير المقصود، وتوفير الرعاية المهنية اللائقة لجميع النساء الحوامل في بيئات آمنة أثناء الولادة، وضمان حصول النساء اللاتي يعانين من مضاعفات على رعاية التوليد الطارئة ذات الجودة العالية وفي الوقت المناسب.